خلال دورته الـ52.. تونس في مرمى انتقادات المجلس الأممي لحقوق الإنسان

خلال الاستعراض الدوري الشامل

خلال دورته الـ52.. تونس في مرمى انتقادات المجلس الأممي لحقوق الإنسان

بما وصف أنه "قصور كبير في الالتزامات بالمبادئ الحقوقية"، كانت تونس في مرمى الانتقادات الدولية خلال استعراض تقريرها الدوري الشامل أمام الأمم المتحدة.

تعقد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي خلال الفترة من 27 فبراير الجاري وحتى 4 إبريل المقبل، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

ولم تكن دولة تونس ذات حظوظ مع تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل المنبثق من مجلس ‏حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حيث كشف التقرير عن قصور كبير في التزام تونس بمبادئ حقوق الإنسان. ‏

واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير ‏الاستعراض المتعلق بدولة تونس، والتي ضمت الصين والولايات المتحدة وموريتانيا.

وأحيلت ‏إلى تونس قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول ومنها ألمانيا وأوروغواي وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وبنما وسلوفينيا ‏وسويسرا وكندا وبريطانيا وغيرها.

فيما ترأست رئيسة الوزراء التونسية نجلاء بودن فريق بلادها للرد على تلك التساؤلات والانتقادات الدولية، خلال ‏الاستعراض الدوري الشامل لتقرير تونس.

التزام دولي

بدورها نوهت رئيسة الحكومة التونسية إلى التزام بلادها بالتعاون مع جميع آليات مجلس حقوق الإنسان، ‏مؤكدة أن تزايد الأزمات الصحية ‏والاجتماعية والاقتصادية في تونس، تسبب في إضعاف مؤسسات الدولة وجعل حقوق الإنسان عرضة للخطر.

وقالت نجلاء بودن إن اعتماد القانون رقم 51 لسنة 2018، والذي يتعلق بتشكيل هيئة حقوق الإنسان، يعد من أبرز الإجراءات المتخذة على المستوى ‏المؤسسي وفقاً لمبادئ باريس التي تعزز حماية المبادئ والقيم الحقوقية.

وأكدت أن تونس أول دولة غير ‏عضوة في الاتحاد الأوروبي تنضم إلى اتفاقية حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي، ‏كما أنها أيضا أول بلد عربي يعتمد قانوناً للتمييز العنصري يتماشى مع ‏التعهدات الدولية.

وتابعت: "تونس تواجه أزمة في التدفق الكبير للمهاجرين في أوضاع غير نظامية ‏ومصاعب اقتصادية، غير أنها تسعى إلى حماية جميع المهاجرين وراغبي اللجوء المقيمين على ‏أرضها".‏

وذكرت رئيسة الوفد التونسي أن "حرية التعبير والحق والتجمع السلمي هما حجر الأساس الذي يقوم علي النظام الوطني ‏لحقوق الإنسان، مدللة على ذلك بوجود عدد كبير من وسائط الإعلام المفتوحة للمعارضين السياسيين، إلا أن ‏ذلك مشروط أيضاً بعدم الترويج لأخبار زائفة أو التحريض على الكراهية".‏

ملاحظات وانتقادات

وجه مندوبو 112 دولة عدة ملاحظات وانتقادات، حول جدية التزام تونس بالتوصيات التي جاءت في ‏تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل من قبل المجلس الدولي لحقوق الإنسان.

أعرب العديد من مندوبي الدول عن قلقهم البالغ من المحاكم العسكرية في تونس، وانتهاك حقوق الإنسان للمثليين ومزدوجي ‏الميل الجنسي، إلى جانب تزايد معدلات العنف ضد المرأة.

فيما تركز الاهتمام الدولي على مطالبة تونس بتوفير ضمانات المساءلة ‏والشفافية في التحقيقات مع المعارضين السياسيين، وحالات إفراط أعوان الدولة في استعمال القوة ضد النشطاء والفاعلين في المجتمع.‏

وجاء تدهور حالة حقوق الإنسان في تونس منذ تعليق البرلمان في يوليو 2021، على رأس قائمة المخاوف الدولية، إلى جانب رفع قضايا ‏جنائية على مدونين ونشطاء ومحاكمة صحفيين أمام المحاكم العسكرية.

إلى جانب ذلك اعتبر الكثيرون أن تونس لم تحرز أي تقدم في مسألة اعتماد ‏قانون اللجوء، إضافة إلى أن الإصلاحات التي اتخذتها تشكل تحدياً ‏للحقوق المدنية والسياسية فيما يخص التمييز ضد المرأة.‏

استحسان وإشادة 

على الجانب المقابل ‏أشادت العديد من الدول بالجهود التي تبذلها ‏تونس، لتحسين حماية حقوق الإنسان والمرأة والطفل والمهاجرين في البلاد.

كما رحبت تلك الدول بتعاون تونس مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ‏ودعتها إلى مواصلة جهودها في تعزيز إدماج الأشخاص أصحاب الهمم، والحفاظ على إنجازاتها في مجال ‏حقوق الإنسان، مع تعزيز ما يتعلق بتمكين المرأة.

وكانت أبرز هذه الدول هي جنوب السودان وإسبانيا وسريلانكا وفلسطين ‏وتوجو وتركمانستان وأوغندا وأوكرانيا والإمارات وبريطانيا وتنزانيا وأوروجواي وأوزبكستان وفنزويلا واليمن والجزائر وغيرها.

دفاع تونس

قالت نجلاء بودن تعليقاً على تلك الانتقادات، إن دستور بلادها نص على أن السلطات القضائية هي المدافع الأول عن الحريات الفردية وحقوق الإنسان، وإن كرامة المواطن التونسي محمية بموجب الدستور الذي يحظر ‏التعذيب طبقاً للمعايير الدولية التي تم إدماجها في القانون المحلي، لتعزيز الوصول إلى العدالة وتحسين ‏ظروف الاحتجاز.‏

كما أكدت أن حرية التعبير في تونس مكفولة بموجب الدستور ولا يمكن تقييدها إلا لحماية الأمن ‏القومي والنظام العام والصحة العامة.

وأوضحت أن وزارة الداخلية التونسية اعتمدت إصلاحات وأحرزت تقدماً كبيراً ‏في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وأن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية تتم في ظروف محددة ‏تتعلق بالهجمات المباشرة على ضباط الجيش ومؤسساته، وتكون وفقاً للقواعد الدولية.‏

وكشفت بودن أيضا عن اعتماد ‏قوانين واتخاذ تدابير وإجراءات وقائية لحماية النساء والأطفال، بإنشاء ملاجئ لضحايا العنف من النساء في تونس.‏

وبشأن حقوق المثليين وذوي الميول الجنسية المزدوجة، أكدت أن إجراء الفحوص ‏الشرجية ليس معناه تحديد الميول الجنسية، لكن يتم اللجوء إليه في حالة تأكيد ما إذا كانت هناك اعتداءات ‏جنسية تمت خاصة مع الأطفال، مؤكدة أن ذلك يتم اختيارياً وبموافقة كتابية.‏

وأوضحت أن حرية تكوين الجمعيات مكفولة بموجب الدستور التونسي لتتواءم مع المعايير الدولية، مشيرة إلى أن القوانين التونسية تحظر الاتجار بالبشر وجميع أشكال الإساءة إلى النساء والأطفال مع ضمان ‏حماية كرامة الإنسان.

‏ورفض وفد تونس توصية قدمها مندوب إسرائيل بشأن استعمال القوة المفرطة ‏أثناء الاحتجاجات السلمية وتوقيف المتظاهرين واحتجازهم تعسفياً.

وقالت نجلاء بودن في هذا الشأن: "تونس لا تعترف بشرعية تلك الدولة في تقديم توصيات، نظراً لسجلها الحافل ‏بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي وعدم تعاونها مع الإجراءات الخاصة والهيئات ‏الدولية لحقوق الإنسان".‏

وفي ختام الجلسة، أيدت تونس كل التوصيات المقدمة خلال جلسة التحاور، متعهدة بالتصديق على اتفاقية ‏حقوق الأشخاص أصحاب الهمم لضمان المساواة.

وأبدت موافقتها على مواصلة العمل على مواءمة الإطار ‏التشريعي والقوانين مع متطلبات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وغيرها.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية